عزيزي زائر مدونت فتى بيحان حياك الله بتحية الإسلام عزيزي الزائر يسعدنا مرورك وتشريفك مدونتنا المتواضعة ونرجوا أن لا تبخل علينا بملاحظاتك واقتراحك لكي نقوم بمحاولة الوصل إلى اذواق كل من يشاهدنا ولكي نحاول أن تكون المواقع والمدونات العربية هادفة ونافعة

اطلال الدولة القتبانية في مهب الريح

مرسلة بواسطة فتى بيحان | التسميات: | في الأربعاء، يوليو 21، 2010 الساعة 7:58 م



شكلت القيعان والأودية الخصبة في شبوة منذ سالف القرون مناخاً مناسباً لقيام ثلاث حضارات متعاقبة على أرضها هي أوسان وقتبان وحضرموت لكن قتبان أخذت حظاً وافراً من حقب الزمان ونفوذ المكان فهناك من يرجح في هذا الاستطلاع أنها حكمت منذ القرن العاشر وحتى الأول قبل الميلاد واتسع نفوذها إلى عدن وباب المندب ورداع ووادي بنا وحريب ومناطق عدة . كما تشكلت عوامل قوتها من تربعها على واد خصيب يدعى اليوم وادي بيحان وعسيلان حيث كانت تمر وسطه قوافل اللبان القادم من البحر ويتحكم بعبورها واقتصاد المملكة سوق «شمر» التجاري وقانون منتصب إلى اليوم وسطه سمي بالقانون التجاري .. هذا الاستطلاع يكشف جوانب تاريخية مثيرة ومنها مبهمة ومواطن الخوف على اندثار آثار دولة قتبان بين الرمال. الطريق إلى عسيلان > اسفلتية هي الطريق من عتق ـ عاصمة محافظة شبوة ـ إلى مديرية عسيلان لكنها تطوي (170)كم من الجنوب إلى الشمال مروراً بمديريات عرماء ونصاب ومرخة وجردان .. لم يشبع مخيلتي الابحار في معالم وصفحات الأزمنة المتعاقبة عليها ممالك ودويلات حضرموت القديمة في مديرية عرماء و«أوسان» في مديرية مرخة حتى وطأت أقدامنا سوق ومركز النقُوب (بضم القاف) التابع لمديرية عسيلان حيث توارى خلفنا ملوك حضرموت وأوسان تحت عقارب الزمن ، فلابد من المثول إذن تحت الهيمنة القتبانية وأن نعيش اللحظات المهيبة ونقتاتها ألف مرة لأننا وشيكون من حضرة الملك «شهر هلال» وقد التبست لدينا هتافات جيوشه وحراسه بأصوات التجار وقوافل اللبان الممتثلة لذلك القانون التجاري المنتصب وسط سوق «شمر» حينها أدركت أننا وصلنا «تمنع» عاصمة المملكة القتبانية. إمارة بيحان > ولنصف ساعة صحوت لألتقط صوراً فوتوغرافية لمنارة جامع «النقُوب» ـ بضم القاف ـ فقد كانت غاية في الإبداع والتميز قيل لي بأن من بنى الجامع هو الشريف حسين بن أحمد الهبيلي قبل أكثر من خمسين عاماً والعجيب في الأمر هي تلك المادة الملبسة للجدران والشبيهة إلى حد ما بالاسمنت الأبيض وكيف حافظت هذه المادة بتماسكها وترابط لبنات المسجد ومنارته الخلابة. قيل بأن شريف بيحان كان يمتلك ذائقة جمالية قادته إلى الاستعانة بخبرات وخامات الانجليز لبناء قصور الحكم والأسرة في بيحان وعسيلان والمساجد ، ومرافق إمارته المستقلة نوعاً ما عن الجنوب وعدن والمسماة بـ(إمارة بيحان) واتخذ علماً وعملة مغايرة عندما التفت القبائل المتناحرة تحت قبضته بعيداً عن نفوذ السلطنات فشهدت حقبته الشريفية انفتاحاً على العلوم المختلفة وفنون العمارة العصرية المتميزة عن العمارة التقليدية في باقي المحافظات الجنوبية والشمالية مغ احتفاظها بالنكهة العربية والطابع المعماري الإسلامي في اليمن. نفوذ القتبانيين < تشير المصادر التاريخية إلى أن «قتبان» مشتقة من «قتب» وهي منطقة في عدن ومنذ حوالي (350) ق.م أصبحت قتبان تسيطر على الشريط الساحلي الممتد من باب المندب حتى ما وراء عدن إلى الشرق ومنذ ذلك الوقت ازدهرت قتبان وامتدت سلطتها إلى أنقاض دولة أوسان «مديرية مرخة حالياً» في شبوة وباتجاه الجنوب إلى مناطق «دثينة ويافع وتبن » حيث تبرهن نقوش الملوك القتبانيين ـ التي وجدت هناك ـ اتساع نفوذهم كما عُثر على نقوش قتبانية أيضاً في رداع ووادي بنا وفي حصن بيت الورد المعسال حتى «بنو بكر» والعود. وأول من حدد موقع تمنع هو النمساوي «جلازر» بأنها تقع في وادي بيحان في كتابه «الأحباش في جزيرة العرب وأفريقيا ميونغ عام 1895م» وأول من زار موقع تمنع الأثري هو «برسي» عام 1900م في هجر كحلان وحددها على الضفة اليسرى لوادي بيحان. زمن الدولة القتبانية < يختلف علماء الآثار في تحديد ظهور دولة قتبان ونهايتها فهناك من يذهب أن أقدم ذكر معروف لـ(ولد عم) وهو اسم اتحاد القبائل التي عبدت المعبود الوثني «عم» جاء ذكره في عصر الملك السبئي الكبير كرب إل وتر بن ذمار علي صاحب النقش الشهير في صرواح «القرن السابع قبل الميلاد» كما عثر على نقش قتباني يعود إلى القرن السادس ق.م على صخرة في جبل العود ، حيث امتدت نفوذ القتبانيين إليها وهناك من المصادر تشير إلى أن مملكة قتبان سادت خلال الفترة من القرن الخامس الميلادي وحتى القرن الأول الميلادي. أما الأخ خيران الزبيدي مدير فرع الهيئة العامة للآثار في شبوة فيرى حسب معلوماته أن قتبان ظهرت في القرن العاشر قبل الميلاد وانتهت في القرن الأول قبل الميلاد. تمنع وطريق القوافل < كغيرها من الحضارات القديمة في اليمن التي تتركز على أطراف الأودية إلا أن دولة قتبان زادت على تمركزها على أطراف وادي بيحان.. إن هذا الوادي كان محطة لمرور قوافل اللبان القادمة من البحر صوب الشمال ، حيث سميت عاصمة القتبانيين بـ(تمنع) ـ بفتح اولها ـ كما جاء في النقوش القديمة إلا التسمية فيما وإلى اليوم وحسب مدير فرع هيئة الآثار في شبوة خيران الزبيري فقد سميت المنطقة بـ(هجر بن حميد) وهناك من يعتقد أن التسمية القديمة لهجر ين حميد هي «حريب». وادي بيحان < قبل الوصول إلى «تمنع» كان علي التوغل نحو الشمال الغربي من وادي بيحان بسيارة مدير مديريتها «لحول» حاذينا الوادي لمسافة تزيد على (70) كم طولياً إلى آخر الحدود الفاصلة بين محافظتي شبوة والبيضاء ليتجلى لنا أن جبال البيضاء هي أولى منابع وروافد وادي بيحان ، وعودة، إلى الخلف باتجاه «تمنع» تتحول الجبال المحاذية للوادي شيئاً فشيئاً إلى تلال وهضاب ثم تتواضع جميعها وتغوص تدريجياً إلى الأسفل حيث تمتد أجنحة وادي بيحان وتمضي اتساعاً نحو مديرية «عسيلان» مؤخراً ـ كما هو شأن مديرية عين ـ من إمارة بيحان. القانون التجاري وهجر كحلان < فيما يقول خيران الزبيري مدير فرع الهيئة العامة للآثار بشبوة أن دولة قتبان بدأت مع القرن العاشر قبل الميلاد واستمرت حتى القرن الأول قبل الميلاد ، يمضي إلى القول بأن التقبانيين ابتكروا عمود «القانون التجاري» وسط سوق شمر في القرن الخامس قبل الميلاد أي في منتصف فترة حكم دولتهم تقريباً وبعد اندثار قتبان والدويلات المتعاقبة اختفت معالم سوق شمر ومعه عمود القانون التجاري إلى أن جاءت البعثة الأمريكية سنة 1952م وعثرت عليه تحت الرمال. وفي العام 2006م كشف فريق آثار إيطالي عن قطع فخارية لأدوات منزلية وأخرى للزينة بجانب ذلك العمود المنتصب وسط سوق «شمر» القتباني والمسمى بـ(القانون التجاري) كما تم العثور على بقايا أجزاء السوق القديم «شمر» والمعبد الكبير وعلى ذكر المعبد يجدر الاشارة إلى أن (65) معبداً آخر ماتزال معظمها مدفونة بعد أن كانت هدفاً للتنقيب من قبل بعثة «مؤسسة دراسة الإنسان» الامريكية في العام 1950م. إهمال < وإلى القانون التجاري وسوق شمر مضت بنا سيارة الأخ مفلح الشريف عضو محلي عسيلان عبر مسافة تبعد عن مركز المديرية وسوق النقوب بما لايزيد عن (10) كيلو مترات وبعد أن رسمت في مخيلتي مسبقاً لتمنع حاضرة وعاصمة قتبان وسوقها «شمر» وقانونها التجاري صورة تكتظ بالسياح وحراسة أمنية للموقع كرافد هام ـ حسب مخيلتي - من روافد المديرية بل والمحافظة برمتها باعتبار أن هذا الموقع حسب جميع المعنيين وجميع المراجع يعد أهم موقع أثري مكتشف على امتداد وتنوع المواقع الأثرية في محافظة شبوة .. ،بمجرد وصولنا الموقع كان الواقع على خلاف التخيلات والتكهنات وبكل أسف فلا يوجد سوى شخص فقط يحرس الموقع المسور بأسلاك كما تسور مزارع القات غير أن من السهل ثنيه أو الدخول من جوانب ممزقة إلى بهو السوق والتقاط ما طاب من ثمار التاريخ المتناثرة بين رمال مركز سوق «شمر».. المحرك المالي والتجاري لاقتصاد دولة قتبان وبنك تحصيل إيرادات طريق قوافل اللبان والبخور من الجنوب إلى الشمال والعالم قديماً. وبالاقتراب من عمود القانون التجاري المنتصب وسط السوق المنخفض عن الأرض بحوالي مترين يقدر ارتفاعه «القانون التجاري» من سطح السوق بحوالي مترين وجوانبة الأربع محفورة عليه نقوش بارزة وغائرة لعلها رموز وأرقام وقوانين وأوزان البيع والشراء في تلك الحقبة. - تركنا سوق شمر وراءنا لكن الرمال المتحركة والكثبان المحيطة به لن تغادره فساحته مهددة على الدوام بجيوش الرمال التي لاترحم آثار تمنع أو حقول القمح في وادي عسيلان .. الذي كان إلى قبل (15) عاماً سلة عذاء وحبوب معظم المحافظات الجنوبية. هجر بن جميد < موقع «هجر بن حميد» الأثري يقع في الوادي الممتد من بيحان وفي منتصف المسافة بين مركزي مديريتي بيحان وعسيلان بالطبع يتبع الأخيرة إذ يبعد عن مركز مديرية عسيلان أو سوق عسيلان بمسافة (25) كيلو متراً تقريباً ولأن موقع «هجر بن حميد» ماتزال مساحته مفتوحة بلا سور وبلا حارس فقد تطوع أحد جيران الموقع ـ من أبناء القرية ـ وهو الأخ عبدالله العبد مدير إدارة التخطيط في مديرية عسيلان للانتقال معنا إلى هذا الموقع ومضى يقول : > أولاً أرحب بكم في مديريتنا التاريخية ـ عاصمة دولة قتبان ، أما بخصوص هذا الموقع «هجر بن حميد» فحسب ما يقول آباؤنا وأجدادنا في عسيلان وما أكدته بعض كتب التاريخ : أن رجلاً يدعى «الحميد بن منصور» حل في هذا الوادي قبل أكثر من (400) عام والتفت القبائل من حوله وذاع صيته فسميت المنطقة باسمه «هجر بن حميد». - لكن يبدو أن للموقع اسماً تاريخياً آخراً كان يطلق على هذا المكان قبل الحميد بن منصور .. لعل مدير فرع الهيئة العامة للآثار في محافظة شبوة أدرى بذلك ، أما أنا فيمكنني التأكيد على أن هذا الموقع المهمل يتعرض لنبش مستمر من قبل بعض الأهالي ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالموقع مهدد بالانجراف لمواجهة جانب كبير منه سيول وادي بيحان وقد عُثر على تماثيل وأوانٍ أثرية في موسم أمطار غزيرة قبل خمس سنوات جاءت على إثره معدات وجرافات تابعة للزراعة والحماية من السيول. > وعندما سألنا الأخ عبدالله سالم عن مصير تلك التماثيل .. إلى أين ذهبت ؟ أجاب : مباشرة تقاسمها بعض المزارعين المتواجدين أثناء السيول وما بعد وهم لا يعتبرون أنفسهم مُذنبين في ذلك لأن مصيرها كان لا محالة سيذهب بين السيول طالما الموقع لا تحميه جدران دفاعية من السيول وجدران وأسوار تحمية من انجراف تربة الموقع جراء مواسم الأمطار الغزيرة. الموقع السائب يعلم السرقة وخلال تنقلنا في موقع هجر بن حُميد المعتلي «سائلة» وادي بيحان بارتفاع حوالي (15) متراً تعثرت قدم الأخ مفلح الشريف ـ رئيس لجنة التخطيط في محلي عسيلان بأجزاء «مطحن» قديم للحبوب كان مبعثراً كغيره من القطع الأثرية والأحجار المنقوشة على ذلك التل الشبيه بمقبرة مكشوفة والمسمى ـ مجازاً موقعاً أثرياً ـ أو هجر بن حميد فالتقطها الأخ مفلح وأعادها إلى الأرض لأن غيرها كثير ولا يشكل أهمية لدى الغالبية. فلعل في الأعماق ماهو أنفس منها لا سيما والموقع متاح في أي وقت لمن أراد النبش لكن شخصاً أقبل إلينا من بعيد وعلى جبهته قطرات العرق وبين خصلات لحيته الكثيفة التصقت عيدان القش المتناثر من موسم حصاد القمح في حقله المجاور للموقع إنه الأخ عبدالكريم محمد حسين المكلف من قبل فرع الهيئة العامة للآثار بشبوة بحراسة موقع هجر بن حميد منذ خمس سنوات ومعه آخر يدعى علي بن محسن السيد بشأنهما يقول مدير التخطيط في المديرية الأخ محمد سالم العبد أن معظم الأهالي المجاورين والمحيطين بموقع هجر بن حميد احترموا مهمة الرجلين وامتنعوا عن النبش في السنوات الخمس الماضية احتراماً لشخصيتيهما المحبوبتين بين الناس فحسب ولحرصهما على مخزون الموقع لكن التوجيهات من المحافظين المتعاقبين على شبوة والرفع من فرع هيئة الآثار في المحافظة إلى صنعاء لاعتماد درجتين وظيفيتين للحارسين تذهب أدراج الرياح تماماً كمجهودهما المجاني خلال خمس سنوات.. من الحراسة «الطوعية». وبين أيدينا كوم من الأوامر «الأولمبية» حسب ماهو موضح فيها وعلق بشأنها أصحابها بالقول : هذه أوامر من شبوة إلى صنعاء بأحقيتنا في التوظيف وعكسها توجيهات أخرى من صنعاء إلى شبوة بوضع الأولوية لنا وهكذا كل طرف يرمي بنا نحو الآخر حتى «دوخونا» لكننا لن نيأس فلعل المحافظ «الجديد» يكون له فعل أكثر جدوى ، وإلا تركنا الموقع وشأنه ومن «شلله شل» وعملنا في الزراعة يغنينا عن وجع القلب والهم والهرم على موقع نحن نحميه وهو يتنكر لنا . هاتفت الأخ خيران الزبيدي مدير فرع الهيئة العامة للآثار في محافظة شبوة فقال بأن الحارسين لم يحصلا على أوامر قوية إلى الخدمة المدنية لنيل الوظيفة لذا فإن فرع الهيئة في شبوة غير متحمل ولاملزم بأي استحقاقات مالية لهما. الختام سأبادر بالإجابة على سؤال ربما سيخطر في بال المعنيين خاصة عن الآثار بأنني بالطبع لست وكيل آدم في ذريته لكنه «عرق الفضول» كما يقال استثارني لا من أجل الباحثين عن فرصة وظيفية لحراسة تاريخ وطن متناثر بين الصحراء والإكام ، بل هي الغيرة على هذا التاريخ الذي ورثه لنا الأجداد ولم نحسن إليه أو نستغله كمورد سياحي لا يستهان به وسمعة طيبة تعزز موقع اليمن في صدارة الواجهة الحضارية للتاريخ الإنساني.

Share/Bookmark

التعليقات :

هنالك 0 التعليقات على اطلال الدولة القتبانية في مهب الريح

إرسال تعليق

 
') }else{document.write('') } }